Congrès international sur "l'espace publique et savoir"

Lettres et sciences humaines
Dates: 17/12/2018 - 20/12/2018

Lieu: FLSH Agadir

الفضاء العمومي والمعرفة

من الإنتاج إلى التأويل

مؤتمر فكري دولي متعدد الاختصاصات بأكادير أيام: 17 – 18 – 19 دجنبر 2018

ميز إيمانويل كانط في مشروعه الفلسفي بين الاستعمال العمومي للعقل، والاستعمال الخاص للعقل، فربط الأول بالقراءة والأداء والحوار  والسجال والتجمعات البشرية، وربط الثاني بممارسة المسؤولية. ومزج بين الحرية والعقل والأنوار. فالاستعمال العمومي للعقل يكون دائما حرا، وهو وحده القادر على نشر الأنوار بين الناس، بينما الاستعمال الخاص قد يكون في العديد من الحالات محدودا بشكل صارم دون أن يعوق ذلك بوجه خاص تقدم الأنوار. والمقصود – عند كانط- بالاستعمال العمومي هو استعمال العقل بوصفه عالما أمام الجمهور بأكمله الذي هو عالم القراءة. ويسمي كانط الاستعمال الخاص ذلك الاستعمال للعقل، المسموح به للمرء في ممارسة المسؤولية أو الوظيفة التي أسندت إليه بوصفه مواطنا.

استلهم يورلاغن هابرمس من كانط مبدأ  العمومية Publicitéلتجديد المنظور الفلسفي للفضاء العمومي، ومنحه بعدا سياسيا، ليصبح المجال العام le sphere public  مكونا أساسيا للرأي العام السياسي، وقوة اقتراحية فاعلة في نضالها  وتفاعلها مع أجهزة النظام التي تقوم بفعل حيازة الفضاء العمومي وضمه إلى مصالحها والهيمنة عليه، لأن التحكم Manipulation  فيه وتملكه، هو ضمان لسيرورة الحكم و النظام. ويعلن هابرماس في كتابه "تحول بينة الفضاء العمومي :دراسة حفرية في مقولة المجتمع البورجوازي " عن كيفية تشكل جمهور بورجوازي نقدي بعد الثوة الإنجليزية في القرن 17، وما تلاها من ثورات في أوربا بين  1710 و1730 م ، حيث خرجت إلى الوجود مجموعة من الجرائد المستقلة عن الدولة، و ينتمي أصحابها طبقيا إلى البرجوازية، وهي طبقة معارضة للأرستقراطية. وقامت الدولة آنذاك بمراقبة التجمعات في المقاهي وصالونات الشاي باعتبارها أماكن احتوت نقاشات قوية ضد الحكم.

ومن هذا المنظور، شكل الفضاء العمومي منذ أيام الأغورا - حسب نانسي فريزر -  عنوانا لأثينا الديمقراطية، ومحورا للسجال والنقاش والعدالة. وقد تجدد النقاش حول الفضاء العام منذ الستينات الذي تألق فيه هابرماس تأسيسا ومراجعة وتطويرا لمشروعه  الفلسفي ،ليصل إلى ما يسميه "أخلاقيات المناقشة والتواصل السياسي الإيجابي". وقد  منحت نظرية هذا الفيلسوف فرص ظهور بعض  المفاهيم والمصطلحات وتداولها في ثقافتنا المعاصرة، نحو، العدالة، الديمقراطية التشاركية ، الدولة الوطنية، المجتمع المدني، الاستعمال العمومي للعقل في تدبير وتسيير الفضاء العمومي....لكن هذا المنظور أصبح كلاسيكيا بالمقارنة مع التحولات التاريخية والأبحاث الفلسفية والدعوات الإيديولوجية المعاصرة، ليتولد من رحم الفضاء العمومي البرجوازي فضاء عمومي نقدي شعبي معارض oppositionnel، الفرق بينهما، هو أن الأول ارتبط بالجرائد والبرلمان، في حين ارتبط الثاني بنقاشات الحركات الشعبية الاحتجاجية.

ومع مجيء الربيع الديمقراطي في بعض الأقطار العربية الذي أعاد الفضاء العمومي إلى أصحابه بعدما صودر منهم لعقود من الزمن. مثل الفضاء العمومي عبر هذه المرحلة التاريخية فضاء للفرجة والتشاور والاحتجاج. كما تجسدت عبره علاقات متباينة التجليات بين الوعي بالحقيقة والمجاز والمستعار والواقعي والجمالي والالتباس والغموض والتصادم والمصالحة. بقي الفضاء العمومي مركز التجاذبات الفكرية والعقائدية والسياسية، وأيضا مركز إنتاج الجمال والمعرفة والحق، وتأويل هذا الإنتاج. إن مد المرجع الفلسفي المعاصر للفضاء العمومي بالتحليل والدرس والتعليق، هو مد الفضاء العمومي و الفنون والأداء بنوع من الاشتهاء التداولي والاستعمالي في إنتاج المعرفة وتأويلها، وإضفاء المركزية على الكثير من الممارسات والسلوكات التواقة إلى الحرية في الاستعمال العمومي للفنون والأداء، واختراق المجال العام، قصد المصالحة والتغيير وخلق سلوكات وممارسات بديلة.

بعد أحداث 11 شتنبر عاد الدين إلى واجهة النقاش الفلسفي، والسجال الذي دار بين الفلاسفة والعلماء والمفكرين حول دور الدين في الفضاء العمومي، أو بصيغة أخرى وضع السؤال الملح: كيف يمكن للدين أن يؤثر في الفضاء العمومي؟ وكيف يمكن للفضاء العمومي أن يتحول إلى مجال خاضع وموجه من لدن الدين؟وفي هذا السياق، يمكن أن نشير إلى الموقف الماركسي والعلماني الراديكالي الذي أخرج الدين من الفضاء العمومي وأقصاه من كل مساهمة في القرار السياسي، و بين الموقف الذي بدأ يتبلور بعد هذه الأحداث في الفلسفة الغربية والداعي إلى ضرورة إعادة النظر في هذا الموقف الراديكالي من الدين. وتعد مساهمة هابرماس وريكو ر وغيرها مساهمات نوعية بدعوتها إلى ضرورة منح الدين دورا في الفضاء العمومي لكي يساهم في قضايا الشأن العام . وقد اصطلح هابرماس على هذه المرحلة بالمجتمع ما بعد علماني . هذا المصطلح الذي أثار جدالا فلسفيا قويا بين متقبل  ومعارض له.  في ظل هذه الوضعية، ولتخفيف حدة التوتر في الفضاء العمومي وتوسيع مجال العقلانية التواصلية وتأصيلها في المجتمع المعاصر الذي تم احتلال عالمه المعيش، تبدو وجاهة الانتباه إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الدين في الفضاء العمومي لتحقيق نوع من الاندماج الاجتماعي.

تتطلع إدارة المؤتمر الفكري الدولي إلى اقتحام علاقة الفضاء العمومي بإنتاج المعرفة وتأويلها عبر مقاربة متعددة الاختصاصات، يقودها بعناية ثلة كريمة من الباحثين والدارسين من مختلف الانشغالات. حيث تتحلق الأشغال وتتأسس انطلاقا من مبدأ تعدد الاختصاصات، والتحديدات الفلسفية والمفهومية للفضاء العمومي واشتغالاته الإنتاجية وسيروراته  التأويلية بحضور المقاربة السوسيولوجية، والحقوقية، وجغرافية المجال، وسيميائيات الفضاء العمومي، وفنون الفرجة والأداء، والإعلام والميديا ودورهما في تشكيل الرأي العام، والإنتاج الأدبي والفضاء العمومي، وسياسة المدينة / الدولة، دور الدين في الفضاء العمومي و وقوته...وغيرها من الأسئلة التي تجعل من الفضاء العمومي مدارا للإنتاج والتأويل فيما يمكن حصره في المحاور المقترحة الآتية:

  • الفضاء العمومي: مفاهيم، أدوات، مرجعيات فلسفية.
  • الفضاء العمومي والجغرافية المجالية وجدل التأثر والتأثير في إنتاج المعرفة وتأويلها.
  • دو الدين في الفضاء العمومي.
  • الفضاء العمومي وفنون الفرجة من الإنتاج الفني إلى التأويل الجمالي.
  • الفضاء العمومي وإشكاليات الإنتاج الأدبي والوقع الجمالي.
  • سيميائيات الفضاء العمومي.
  • الفضاء العمومي والمقاربات السوسيوأنتروبولوجية.

إعداد: محمد جلال أعراب   

كلية الآداب والعلوم الإنسانية أكادير

 

Téléphone
+677564727
Email
Cette adresse e-mail est protégée contre les robots spammeurs. Vous devez activer le JavaScript pour la visualiser.
 

Propulsé par iCagenda